لم يقتصر تأثير انتفاضة الأقصى على حياة الفلسطينيين فقط، وإنما انعكست مظاهر التضامن مع الانتفاضة في العديد من الدول العربية والإسلامية أبرزها مصر.
فقد امتد تأثير الانتفاضة بداية من تغير شكل وأغاني فانوس رمضان الذي يلهو به الأطفال ليصبح محورها القدس الشريف، إلى أدعية القنوت في صلاة القيام، إلى تسارع الفتاوى الداعية للتبرع بزكاة الأموال وحتى مصاريف الأطعمة الفاخرة وياميش رمضان وغيرها إلى أبناء الانتفاضة.
وحتى أنواع بلح رمضان الذي يفطر عليه الصائمون، ويطلق عليه الباعة بعض أسماء المشاهير ظهر نوع منه يُسمى " بلح الانتفاضة"!.
فقد اعتاد المصريون أن يكون فانوس رمضان جزءا من العادات المصرية التقليدية التي انتشرت في بقية الدول العربية، وتطور هذا الفانوس من شكله التقليدي المصنوع من الزجاج والصفيح والمزخرف بالألوان ويُضاء بالشموع، إلى الأشكال الحديثة المصنوعة من البلاستيك والمصابيح الكهربائية التي غزت معظم الأسواق العربية، وبرع فيها الصينيون حتى كادت صناعة الفانوس المصري التقليدية التي تنتشر في أحياء شعبية شهيرة بمناطق مثل: العتبة والسيدة زينب وتحت الربع وبركة الفيل داخل القاهرة تندثر تدريجيا أمام الفانوس الصيني. ومع الغزو الصيني الجديد انتشرت أشكال مختلفة من الفوانيس مع كل شهر رمضان؛ حيث أضيفت للفوانيس التي يلهو أطفال مصر بها خلال شهر رمضان أغاني للمطربين المصريين الشبان خصوصًا أغاني الأفلام الحديثة مثل "مكارينا" الأسبانية أو "كجولوه" أو "عرفين هولندا" أو "بابا أوبح" وكذلك أغاني المطربين مثل: عمرو دياب وأغاني رمضان للشيخ سيد مكاوي والكحلاوي، وعبد المطلب.
ولكن الجديد هذا العام هو ظهور نوع من الفوانيس يطلق عليها "فانوس القدس" وعليه مطلع أغنية فيروز الشهيرة عن القدس العتيقة "القدس لنا"، بل ونشرت العديد من الإعلانات في الصحف المصرية تروج لهذا الفانوس وتنصح الآباء والأمهات بشرائه لأطفالهم بدلا من فوانيس المطربين لتعريفهم بما يجري في القدس. أما فانوس "القدس" فهو مستوحى من الانتفاضة الفلسطينية، ومصنوع على شكل مسجد قبة الصخرة، ومصنوع أيضا في الصين ويباع في متاجر القاهرة بسعر يتراوح بين ستة وعشرة جنيهات ( 1.5-3 دولارات) حسب حجمه.
والمعروف أن الغرفة التجارية بالقاهرة قدرت حجم استيراد مصر لفوانيس رمضان من الصين لهذا العام فقط بـ أربعة ملايين دولار!
بلح الانتفاضة!
أما أطرف مظاهر التضامن مع انتفاضة الأقصى فقد قام به تجار الغلال الذين يبيعون بلح رمضان في سوق الساحل الشهير بالقاهرة؛ حيث ظهرت لأول مرة أنواع من البلح يطلق عليها اسم "بلح الانتفاضة" وهو من الأنواع الفاخرة.
وترجع عادة إطلاق أسماء على أنواع البلح المختلفة إلى عدة سنوات ماضية، عندما بدأ التجار تسمية أنواع مختلفة من البلح بأسماء الفنانات المصريات مثل " بلح ليلي علوي " وإلهام شاهين ويسرا وبلح "الشبح" وهو من أفخر الأنواع وأغلاها وهكذا، وذلك كنوع من تحفيز الزبائن على شراء هذه الأنواع المرتفعة الثمن نسبيا ( بين 3 و5 دولارات للكيلو مقابل نصف دولار أو دولار ونصف للأصناف العادية).
ويقول تجار في سوق الغلال: إن بلح الانتفاضة لقي إقبالا هذا العام بسبب اسمه الذي لفت أنظار الزبائن.
أيضا تحولت غالبية أدعية القنوط في ختام صلاة التراويح في مساجد مصر المختلفة للدعوة إلى نصرة الانتفاضة وفلسطين، وأن يهلك الله اليهود ومن والاهم، كما أفتى الأئمة بجواز إخراج الزكاة لشهداء الانتفاضة والفلسطينيين. فيما أعلنت بعض الأسر الثرية نوعًا من التقشف تضامنًا مع الانتفاضة والدعوة للتبرع للانتفاضة على نطاق واسع؛ لتوفير الطعام والكساء لأبناء فلسطين ضد الصهاينة.